الجامع الكبير بالمهديّة

  • المهديّة

الجامع الكبير بالمهديّة

• الموقع ومرحلة البناء والتّأسيس 

بُني الجامع الكبير بالمهديّة في مطلع القرن الرّابع هجريّا وقد بدأ الخليفة الفاطميّ عبيد الله المهديّ مؤسّس الدّولة الفاطميّة في بنائه سنة ثلاث وثلاثمائة هجريّا  (303هـ)  الموافق لسنةِ ستَّ عَشْرَةَ وتِسْعِ مائةٍ ميلاديّا (916م) ويمثّل الجامع الكبير شاهدا على توسّع الدّولة الفاطميّة في شمال إفريقيا وقد أنشئ الجامع على الجانب الجنوبيّ من شبه الجزيرة التي كانت تقع عليها المدينة القديمة المطلّة على البحر من ثلاث جهات وقد حرص الخلفاء الفاطميّون على ترسيخ دور المسجد الجامع في الدعاية السّياسيّة لدولتهم ولأنّ الخطبة شارة من شارات الملك وهو مركز الإشعاع الدّينيّ 

• مرحلة الهدم والتّدمير 

خرج المعزّ لدين الله الفاطمي إلى مصر سنة ستّين وثلاث مائة هجريّا (360هـ) الموافق لسنة سبعينَ وتِسْعِ مائةٍ ميلاديّا (970م)وسلّم الفاطميّون الحكم للزيريّين ولمّا حكم الصنهاجيّون إفريقيّة عادوْا الفاطميّين ثمّ غزت قبائل بني هلال المدن وعاثت فيها فسادا ونشرت فيها الفوضى وتوالت بعد ذلك الحملات العسكريّة الأوروبيّة والإسبانيّة على مدينة المهديّة وفي خضمّ هذه القلاقل والأحداث حرق الإسبان المدينة وهدموا الجامع الكبير وحوّلوه بعد ذلك إلى كنيسة ثمّ إلى إسطبل للخيول ولم يبق منه إلاّ القليل حسب الروايات المتوارثة لدى أهل المهديّة وعندما استقرّت المدينة للحكم العثماني خلال القرن الحادي عشر هجريا(11هـ) الموافق للقرن السابع عشر ميلاديّا تمّ ترميم الجامع الكبير 

• مرحلة التّرميم وإعادة البناء 

أعيد بناء الجامع الكبير وترميمه بين سنتيْ إحدى وستّين وتسع مائة وألف (1961م) وخمسٍ وستّين وتسع مائة وألف (1965م) بإذن من رئيس الجمهوريّة وتمّ الحفاظ على تصميمه وهيكله الأصليّ الذي كان عليه في القرن العاشر ميلاديّا وقد أشرف على إعادة بنائه المهندس الفرنسيّ ألكسندر ليزين

1) وصف الجامع 

الجامع (85*55) 4675 مترا مربّعا تقريبا و يتكوّن من:

- بيت الصلاة تمسح 2925 مترا مربّعا تقريبا أقيمت على أعمدة رخاميّة مرتفعة وجدران عالية من حجارة متفاوتة الأحجام مصقولة استخرجت من مقاطع حجر في مدينة رجّيش وكلّ الجدران حجريّة دون طلاء تتوفّر بيت الصلاة على محراب من حجارة مصقولة وفيه تجاويف نصف دائريّة وأعلاها حجارة مجوّفة في شكل أصداف وفي أعلى المحراب قبّة نصفيّة ترتكز على قوس يستند إلى عمودين جانبيّين وفي الجهة الغربيّة محراب صغير يُتَّخَذُ عادة لتعليم القرآن وتنقسم بيت الصلاة إلى ثلاثة أساكب متوازية مع جدار القبلة واللاّفت أنّه لا توجد نوافذ بالجامع فهو يشبه القلعة المطلّة على البحر أمّا المنبر فيُروى أنّه كان هديّة من المغرب وهو على الطراز العثماني من حيث الارتفاع وذو نقوش مغاربيّة أندلسيّة 

- الصحن (35*50)  يمسح 1750 مترا مربّعا تقريبا  مربّعا محاط بأربعة أروقة مسقوفة بأقواس جلّها متساوية مقامة على أعمدة رخاميّة وهو مبلّط بحجارة رخاميّة والرّواق الشّماليّ الغربيّ بالمدخل هو الوحيد الأصليّ وأسقفه متصالبة الروافد في حين الأروقة الأخرى بجدرانها وأسقفها حديثة البناء وفي الزاوية الشرقيّة للرّواق الشماليّ الغربيّ بُني خزّان ماء فوق الأرض فُتح فيه باب للزيارة ويعدّ المدخل البارز أقدم نموذج للمداخل البارزة في العمارة الإسلاميّة بينما يتميّز الرواق القبليّ النّافذ إلى بيت الصلاة بتفاوت ارتفاع الأقواس التي أقيمت عليه  لإبراز المدخل الرئيسيّ لبيت الصلاة 

- المئذنة: ليس في الجامع مئذنة حاليّا ويؤكّد بعض الباحثين وجود مئذنتين قديما على جانبي الواجهة الشماليّة الرّئيسيّة على غرار جامع الحاكم بالقاهرة 

- الميضأة :بنيت الميضأة حديثا بعيدا عن بيت الصلاة من الجهة الشرقية القبليّة حفاظا على الآثار وهي صغيرة المساحة ويؤدّي إليها ممرّ غير مسقوف من داخل الصّحن وفي السّنوات الأخيرة تمّ توسيعها فغُطّي الممرّ بسقف معدني لحمايته وثبّتت فيه حنفيات كافية وخصّصت فيه ميضأة للنّساء 

- الأبواب: تتميّز أبواب الجامع الرئيسيّة المؤدّية إلى بيت الصّلاة خاصّة بالاتّساع والارتفاع وفيها نقوش خفيفة تشي بالعراقة المغاربيّة وقد طليت بلون بنّي داكن