جامع القادريّة

  • حي الشرفيين معتمدية الكاف الشرقية

جامع القادريّة

لله قد رفع المنارة أحمد      أثرا على مرّ الزمان يخلّد

هذا بيت من بين أبيات القصيد المنقوش بمدخل جامع القادرية بمعتمدية الكاف الشرقية، هذا المعلم الديني الشهير بحي الشرفيين من أعلى أحياء مدينة الكاف. يتمّ النزول إليه عبر المدارج لنجد عن يميننا الجامع بمكوناته الأربع: الصومعة المحلاة بالنقوش والخزف، وبيت الصلاة المربعة الشكل بقبابها الخمس التي جعلت مظهرها العلوي بديع التصميم، والكتاب الذي كان ولا زال منارة لحفظ كتاب الله وترتيله، والميضة حيث الوضوء والتطهّر، أمّا على يسار الداخل فيوجد فضاء فسيح لحديقة شاسعة بها أشجار متنوعة وفي آخرها مسكن.

شيّد هذا المعلم خلال القرن الثاني عشر هجري/ 1833م من طرف محمد المازوني المغربي (ت1296هـ/1878م) وهو شيخ الطريقة القادرية وقد جعل بناءه متماثلا مع غيره من المعالم ذات الطابع الأندلسي من حيث الزخرفة والتزويق والنقوش على الباب الحديدي والأعمدة وجدران الواجهة المكسوّة بالقرميد الأخضر للمدخل والنوافذ والصومعة مربعة الشكل الشبيهة بصومعة جامع القصبة بالحاضرة.

بيت الصلاة بجامع القادرية يأنس فيها داخلها وتغمره السكينة ويلامس بروحانية فياضّة عبق التاريخ رغم بساطة مكوناتها من أسقف مجصّصة وجدران مكسوّة بالخزف ومحراب أبيض ناصع زادت في روعته الآية الكريمة المنقوشة على الرخام: "إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا". 

انتشرت الطريقة القادرية بعديد المدن التونسية وكثرت زواياها ومريديها واهتمت بتثبيت الوحدانية لله وبيان حقيقة وجوده، وحقيقة الذات المحمدية وارتباطها بالحقيقة الكلية، كما ركزت على إقامة الأذكار والأوراد الصوّفية، وانتشرت في ربوع ولاية الكاف ومن بينها في معتمدية القصور حيث يوجد جامع الزاوية القادرية المرتبط باسم الشيخ إبراهيم بن أحمد الشريف وهو من أقطاب الطريقة القادرية وخلفه من بعده ابنه محمد العربي. 

وقد ظلّ جامع القادرية محافظا على رمزيته من خلال إحياء الأنشطة والتظاهرات في المناسبات الكبرى كذكرى المولد النبوي الشريف وليلة القدر بإشراف رسمي وحضور شعبي بهيج.

وللمحافظة على نظارة المعلم وسلامة روّاده فقد تمّ ترميمه منذ سنة 1919م على يد أحمد بن زواري وبإذن من الأمير محمد الناصر باي، وتواصلت العناية بالمعلم على مرّ العصور إلى يوم التاريخ هذا تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية والسلط الجهوية بولاية الكاف.