زاوية سيدي أحمد التليلي

  • فريانة – ولاية القصرين

زاوية سيدي أحمد التليلي

فريانة – ولاية القصرين

 

 

الموقع والتسمية

تقع زاوية سيدي أحمد التليلي في وسط مدينة فريانة من ولاية القصرين بالجمهورية التونسية، وهي معلم ديني وتاريخي بارز يحمل اسم مؤسسها الشيخ سيدي أحمد التليلي – رحمه الله وطيّب ثراه – الذي ارتبط اسمه بالحياة الروحية والعلمية بالمنطقة منذ القرن الثامن عشر.

الشيخ سيدي أحمد التليلي

هو أحمد بن إبراهيم بن عبّاس بن عبد اللطيف بن عبد الرحمان بن قاسم بن تليل، أُمويّ النسب وعثماني الجد، يُعدّ من أبرز أعلام التصوّف الذين ظهروا بالوسط الغربي للبلاد التونسية في القرن الثامن عشر. وُلد سنة 1121هـ/1709م تقريبًا بالجنوب الغربي من منطقة فريانة، وتوفي ليلة الجمعة 13 رجب سنة 1176هـ/1763م.

عُرف الشيخ بتقواه وعلمه وكراماته، وكان له دور بارز في نشر تعاليم الإسلام السمحة، مما جعل زاويته مركزًا للجذب الروحي والديني والاجتماعي.

المكوّنات المعمارية

يُعدّ هذا المعلم مثالًا لطرافة العمارة العربية الإسلامية في تونس، إذ يجمع بين الأصالة والإبداع في تصميمه، ويضم عدة فضاءات مترابطة تؤدي وظائف دينية وتعليمية واجتماعية، من أبرزها:

الصحن الخارجي: مساحته 650 م².

الصحن الداخلي: مساحته 196 م².

مسجد الزاوية الداخلي: مساحته 63 م².

بيت المؤونة: مساحته 37 م².

بيت الزوار: مساحته 15 م².

خلوة الشيخ سيدي أحمد التليلي: مساحتها 55 م².

مبيت الطلبة: مساحته 190 م².

المساحة الجملية: 1206 م².

هذا التنوع في المكوّنات يجعل الزاوية فضاءً متكاملًا يجمع بين العبادة والتعلّم والإقامة والضيافة.

الدور التربوي والعلمي

لعبت زاوية سيدي أحمد التليلي دورًا محوريًا في نشر العلم الشرعي والقرآن الكريم، حيث تخرّج منها العديد من الحفاظ والمقرئين المتشبّعين بالمبادئ الإسلامية السمحة. كما مثّلت مؤسسة تربوية وتعليمية حافظت على استمرارية السند التونسي في حفظ كتاب الله وترسيخ الهويّة الوطنية من خلال القيم الدينية والاجتماعية والثقافية.

انتفع بالتعليم في الزاوية عدد كبير من الطلبة من تونس والجزائر، والتحق الكثير منهم لاحقًا بجامع الزيتونة لاستكمال تحصيلهم العلمي.

ونظرًا لأهمية هذا الدور، أحدثت إدارة جامع الزيتونة سنة 1948م فرعًا له بفريانة ينتهي بتحصيل الطالب على شهادة الأهلية (ما يعادل الرابعة ثانوي). غير أنّ هذا الفرع أُغلق سنة 1957م إثر توحيد برامج التعليم بعد الاستقلال.

وقد شهدت السنوات الأخيرة إعادة إحياء هذه الوظيفة التعليمية، حيث جُدد فرع جامع الزيتونة بفريانة بحضور مشيخة الجامع المعمور وتعيين هيئة للإشراف عليه.

القيمة الدينية والتاريخية

تُعتبر زاوية سيدي أحمد التليلي أكثر من مجرد مزار روحي؛ فهي مؤسسة راسخة في الذاكرة الجماعية لفريانة والوسط الغربي، وفضاء علمي ساهم في تكوين الأجيال ونشر قيم الاعتدال والوسطية. كما تُعد شاهدًا على تواصل التقاليد المعمارية الإسلامية في تونس وعلى دور الزوايا في حماية الهوية الدينية والثقافية، لتظلّ منارات مضيئة في التاريخ التونسي.